27 - 06 - 2024

تباريح | سيادة الفريق .. ما لهذا فوضناك

تباريح | سيادة الفريق .. ما لهذا فوضناك

(أرشيف المشهد)

18-8-2013 | 22:25

قد ترى أن الوقت ليس مناسبا للنقد من واحد مثلي كان يعتبره كثيرون في المعسكر المناقض لجماعة الإخوان ، لكن حين تعلو لغة الدم على ماعداها ، وتكون الحياة الإنسانية رخيصة إلى حد مقتل أكثر من ألف مصري في أيام معدودات (بينهم 70 من رجال الشرطة الذن كانوا يقومون بواجبهم الوطني)، يكون أي وقت مناسبا ، لكي يتوقف فورا إزهاق الأرواح .

فلو كان من بين هؤلاء الألف الذين قتلوا بريء واحد لحلت علينا لعنة قتله .

أعلم أن الجيش والشرطة في معركة "شرسة وصعبة" مع تنظيم بعض أفراده يتسلحون ويرتكبون جرائم ويمارسون إرهابا وكثير منهم مجرمين وقتلة، ويستوون في ذلك مع بعض قيادات الإخوان، لكن مئات الآلاف غيرهم في التنظيم نفسه  بسطاء وطيبون ومخدوعون ، يتصورون أنهم بهذا الانتماء لجماعة (لها أجندات خاصة قد تصل إلى حد مفارقة الوطنية) يرضون ربهم .

كما أن "الترخيص بالقتل " لا ينبغي أن يكون مفتوحا ومرحبا به إلى حد مقتل نحو 500 شخص من أجل فض اعتصام، وهنا أتساءل :"ألم يكن اقتحام اعتصام رابعة العدوية بالدبابات أهون" .. في أسوأ الأحوال كان سيقتل نصف هذا العدد ، وسيكون ذلك مبررا كافيا لفرار الآخرين. وإذا كان قتلى رابعة كانوا مسلحين جميعا ، وهو أمر ليس صحيحا ، فهل كان قتلى يوم الجمعة الماضي مسلحين أيضا ، وهل كان المحتجزون الـ 38 الذين لاقوا وجه ربهم اختناقا بقنابل الغاز أثناء ترحيلهم لسجن أبي زعبل مسلحين؟؟ .

المواجهة مع الإخوان ياسيادة الفريق تسببت في مآسي إنسانية يتحمل مسؤوليتها قادة الجماعة ، جنبا إلى جنب مع المسؤولين في الأجهزة المكلفة بالمواجهة .. قادة الجماعة مسؤولون لأنهم يقودون أنصارهم إلى أتون معركة "غير متكافئة" من أجل مطامع أبعد ماتكون عن الدين وعن الوطنية ، وقادة الأجهزة لمنحهم تصاريح بـ "الإفراط في القتل".

نعم الحفاظ على مصر يقتضي مواجهة المسلحين ، بأقصى ما يمكن من قوة ، فلتواجههم الأجهزة كما شاءت ولن ينتقدها أحد ، لكن قتل من لا يحملون سلاحا مهما كانت اتجاهاتهم أو أفكارهم أو انتماءاتهم ، جريمة ، لا أحب لك ، ولا لرجال الجيش والشرطة الشرفاء المخلصين ، أن تبوء بذنبهم.

فوضناك يا سيادة الفريق حتى تنقذ مصر من جماعة حاكمة كان يمكن إذا ما استمرت، أن تغرق شوارع مصر بالدم ، وليس مقبولا أن يتسبب المنقذ في مآسي أراد المخلصون في هذا الوطن تجنبها ، انتظرت منك أن تأمر بتشكيل لجان تحقيق تجيب على سؤال واحد هو : هل كان كل هذا القتل ضروريا؟؟

أنا على يقين من وطنيتك وإخلاصك ورغبتك في اقتلاع الإخوان دون إراقة نقطة دم واحدة ، وقد تعتقد أن ذلك العدد المهول من القتلي "ثمن جراحة" كان لابد أن تتم لإنقاذ ما تبقى من الوطن ، لكن فلنتوقف ولنراجع ماتم ولنحاسب من أظنهم "ولغوا في الدماء دون ضرورة".

ما فوضناك يا سيادة الفريق إلا لتعصم دماء المصريين ، وتصون وطنا كان مهددا بالانقسام والإرهاب والترويع ، وأظنك قادرا على ذلك، فما الذي أوصلنا إلى هذا الحال؟.

إذا كانت الأجهزة تظن أنها بذلك تقتلع جماعة الإخوان وأفكارها الخبيثة من تراب مصر الطيب، فإني أؤكد لك أنها تمنحها "قبلة الحياة"، فقبيل معركة الحرس الجمهوري كانت الجماعة قد ماتت وشبعت موتا، على الأقل في الضمير العام للمصريين . لكن الإفراط في القتل  لعب دور البطل الشرير في" إحياء العظام وهي رميم".

------------------------------

المقال الثاني من سلسلة بعنوان " خطاب مفتوح إلى الفريق السيسي "

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!





اعلان